حـكـــومـات هزاع المجالي


حكومة هزاع المجالي الأولى
تُعد هذه الحكومة الثانية والثلاثين في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية ، وقد شُكّلت في 15 ديسمبر 1955 واستقالة بعد خمسة أيام فقط، لتكون أقصر الحكومات عمرًا في تاريخ الأردن.
في الخامس عشر من ديسمبر عام 1955، صدرت الإرادة الملكية السامية بتكليف هزاع المجالي بتشكيل الحكومة الأردنية الجديدة. كان في الثامنة والثلاثين من عمره، وقد كانت هذه الحكومة الثانية والثلاثين في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية. لكن ما لم يكن في الحسبان أن عمر هذه الحكومة لن يتجاوز خمسة أيام فقط، لتُسجَّل كأقصر الحكومات عمرًا في تاريخ البلاد.
حين تسلّم هزاع الرسالة الملكية بتكليفه تشكيل الحكومة، بدا عليه التأثر الشديد، وكأنه يحمل على كتفيه ثقل الوطن. التفت إلى زملائه قائلًا: “يا إخوان، إنها لمسؤولية كبيرة، أدعو الله أن يعينني على حملها”.
كان المشهد العام في الأردن متوترًا، فالبلاد كانت تغلي تحت ضغط احتجاجات ومظاهرات عارمة، رفضًا لانضمام الأردن إلى “حلف بغداد”، الذي ضم العراق وتركيا وبريطانيا. وقد رأت فيه قطاعات واسعة من الشعب تهديدًا لاستقلال القرار الوطني، خصوصًا مع تصاعد المواقف العربية الرافضة للحلف، ما فاقم التوترات الداخلية وأشعل الشارع الأردني ضد السياسات الحكومية في وقتها. بينما كان هزاع يرى في انضمام الأردن إلى حلف بغداد وسيلة استراتيجية لتعزيز أمن البلاد في مواجهة التهديدات الإقليمية والدولية آنذاك، فقد اعتبره خطوة تمهّد لتعريب قيادة الجيش الأردني، وإنهاء خدمات رئيس الأركان الفريق جلوب. كما رأى فيه فرصة لإنهاء المعاهدة مع بريطانيا، واستبدالها باتفاق مؤقت مدته أربع سنوات، “لننطلق بعدها من كل قيد أو أثر لنفوذ أجنبي”.
شكّل هزاع المجالي حكومته بعد يوم واحد فقط من صدور كتاب التكليف، وضمت التشكيلة عشرة وزراء – كما يُبيّن الجدول المرفق – وكان جميع الأعضاء الذين اختارهم متفقين على الخط السياسي الذي ستتبناه الحكومة، خصوصًا فيما يتعلق بالمباحثات مع الجانب البريطاني بشأن انضمام الأردن إلى حلف بغداد.
ما إن شُكّلت الحكومة حتى تصاعدت وتيرة المعارضة، وازدادت حماسة الفئات الرافضة للميثاق، بالتوازي مع الحملة الإعلامية الشرسة التي كانت إذاعة “صوت العرب” تشنّها ضد حلف بغداد. واندلعت المظاهرات وامتدت رقعتها من مدن الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية، حتى بدا المشهد أشبه ببركان شعبي يغلي. وفي خضم هذا الجو المتوتر، اقترح الفريق جلوب، بوصفه مسؤولًا عن الأمن العام، فرض حظر التجول واستخدام القوة لاحتواء الموقف، بل طُرحت فكرة استهداف قادة المظاهرات بالاعتقال أو التصفية. وفي أحد اجتماعات مجلس الوزراء، وصل الفريق جلوب إلى رئاسة الوزراء في موكب عسكري، ودخل قاعة الاجتماع وهو يحمل قائمة بأكثر من ثلاثين شخصًا، وصفهم بالمحرّضين الرئيسيين على الاضطرابات، مشيرًا إلى أن اعتقالهم كفيل بعودة الاستقرار إلى البلاد. لكن هزاع لم يكن من الذين يميلون إلى الحلول العنيفة. لم يكن يؤمن بالبطش ولا بالقمع، بل كان يرى أن معالجة الأزمة يجب أن تتم ضمن الأطر الدستورية والديمقراطية. ولذلك، رفض استخدام القوة، وأصدر تعليماته بعدم اللجوء إلى الشدة في التعامل مع المتظاهرين.
وهنا تتجلّى مكانة الإرادة الشعبية في وعيه السياسي، رغم قناعته بصواب موقفه. وقد روى في مذكراته موقفًا بالغ الدلالة عن تلك الأيام، حين رفض أيضَا طلبًا من مساعد رئيس أركان الجيش بالسماح باستخدام القوة ضد المتظاهرين، قائلًا: “أفضل أن أستقيل ولا يُطلق النار على أحد أو يُؤذى أحد كائنًا من كان”. وأضاف: “كان في استطاعتي أن أفرض الانضمام للحلف بالقوة… ولكنني آثرت الاستقالة”.
كان هزاع المجالي مؤمنًا بأن انضمام الأردن إلى ميثاق بغداد يصب في مصلحة الوطن، إذ رأى فيه خطوة نحو تعزيز منعة الدولة وتقوية موقفها في مواجهة التهديد الإسرائيلي. ومع ذلك، لم يكن من أنصار العنف أو فرض السياسات بالقوة. وقد أدرك أن جزءًا كبيرًا من الغضب الشعبي كان موجّهًا نحو مجلس النواب، فبادر إلى طلب حلّه من جلالة الملك، موضحًا في كتاب رسمي أنه، عقب صدور الإرادة الملكية بالحل، سيقدّم استقالة حكومته وفقًا لما ينص عليه الدستور. وبالفعل، صدرت الإرادة الملكية بحل المجلس في التاسع عشر من ديسمبر. غير أن ذلك لم يُسهم في تهدئة الشارع أو امتصاص الغضب المتصاعد. ومع ذلك، التزم هزاع بما تعهّد به، وقدم استقالة حكومته في اليوم التالي، العشرين من ديسمبر 1955.
لقد شكّل حكومته بأسلوب ديمقراطي، واضعًا نصب عينيه هدفًا وطنيًا اعتقد أنه يخدم مصالح الأردن العليا، لكنه لم يتردد في التنحي عندما تبيّن له أن غالبية الشعب قد انحازت إلى الموقف الرافض للحلف. وهكذا آثر هزاع الانصياع لصوت الرأي العام، وقدم استقالة حكومته بعد خمسة أيام فقط من تشكيلها، لتُسجل تلك الحكومة كأقصر الحكومات عمرًا في تاريخ المملكة.

حكومة هزاع المجالي الثانية
تُعد هذه الحكومة الحادية والأربعين في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية ، وقد شُكّلت في 6 مايو 1959 واستمرت حتى استشهاد هزاع المجالي في 29 أغسطس 1960.
في 6 مايو 1959 ، عهد جلالة الملك الحسين بن طلال لهزاع بتأليف الحكومة للمرة الثانية، واستمرت حتى استشهاده في 29 أغسطس 1960. وتُعد هذه الحكومة الحادية والأربعين في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية. وقد تألف هذه الحكومة من 10 وزراء، وجرى عليها تعديلين – أنظر الجدول المرفق- .
جاء تشكيل هذه الحكومة في ظرف صعب وحساس، فكانت فترة حاسمة بالنسبة للأردن، حيث كانت البلاد تواجه تهديدات من التوترات الإقليمية الناتجة عن الوحدة بين مصر وسوريا في إطار الجمهورية العربية المتحدة وعلى الرغم من الضغوط، حاولت الحكومة إرساء استقرار داخلي، والابتعاد عن الوقوع في فوضى سياسية نتيجة هذه التوترات. كما كان لهذه الحكومة دور في تحصين الاقتصاد الأردني، والعمل على بناء علاقات متوازنة مع دول الجوار، خصوصًا العراق ودول الخليج، مع محاولة التغلب على تحديات الاقتصاد المحلي.
حمل البيان الوزاري الذي تقدمت به حكومة هزاع المجالي الى مجلس النواب لنيل ثقة الحكومة، فكرة عن سياسته واتجاهاته ، فقد أعلن أنه يؤمن بالحريات العامة ولكنه لا يرضى أن تكون حريات هدامة فوضوية جاهلة، ولا يرضى أن تكون الحرية وسيلة لتضليل الناس، وقال إنه يرى في الشيوعية خطراً، ولكنه لن يقاومها بالردع وحده بل بنشر العدل وإتاحة الفرص لسائر المواطنين، وأنه ضد الحزبية التي تتستر وراء الشعارات المزيفة، وسيعمل على إصلاح الجهاز الإداري وعلى تشجيع الزراعة. وأعلن في البيان إيمانه بالتضامن العربي وباعتبار قضية فلسطين قضية العرب الأولى.
عملت حكومة هزاع على الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين، كما عملت على إعادة كثيرين ممن كانوا فصلوا سابقاً من أعمالهم، وعملت الحكومة على بث الشعور بالهدوء والاستقرار. ولكن الأردن ظل يتعرّض للحملات الصحفية والإذاعية من قبل مصر وسوريا ( في عهد الوحدة ). وقد نجح هزاع في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية العربية المتحدة، ولكنه لم ينجح في إعادة الصفاء إلى تلك العلاقات. لأنه ورغم عودة تلك العلاقات، بقيت الحملات ضد الاردن ولم تقتصر على الصحف والإذاعات في مصر وسوريا فقط، بل إن الرئيس جمال عبد الناصر ألقى في أواخر حزيران خطابًا تضمن الوعيد والتهديد للمسؤولين في الأردن مع إشارات إلى القتل والسحل. وفي اليوم التالي قال هزاع للصحف إن سياسة عبد الناصر “لم تكن أكثر من وسيلة تخريب وتصديع وفشل… عبد الناصر لم يتعلم من المآسي والنكسات التي خلقتها يداه في الدنيا العربية”.
وكان رد الملك حسين في أثناء خطابه له “إن التاريخ سوف يحكم على من كان السبب في تمزيق الصف العربي… إننا نرحب بأن نموت في سبيل بلادنا”.
في مطلع آب/أغسطس 1960، عقد هزاع المجالي مؤتمرًا صحفيًا تناول فيه تطورات العلاقات مع الجمهورية العربية المتحدة، مشيرًا إلى اتفاق عام 1959 الذي هدف إلى فتح صفحة جديدة، وشمل تنظيم نشاط اللاجئين ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة. كما تطرق إلى أزمة نشبت بسبب نية المتحدة فتح قنصلية في القدس بصيغة تمسّ السيادة الأردنية، منتقدًا خطاب عبد الناصر الذي وصفه بـ”التشهير والتهديد”، ومؤكدًا رفض الأردن لأي تبعية أو وصاية.
ومع اقتراب موعد مؤتمر وزراء الخارجية العرب، الذي تقرر عقده في بلدة شتورة بلبنان بهدف رأب الصدع بين الدول العربية واحتواء الخلافات المتصاعدة، شكّل الأردن وفده برئاسة وزير الخارجية موسى ناصر، وضم وصفي التل وعبد الحميد سراج. انطلقت أعمال المؤتمر في 22 آب/أغسطس 1960، ووجه المؤتمر رجاءً للدول العربية بأن تتوقف حملات الإذاعة والصحافة ضد بعضها البعض، فبادرت الإذاعة الأردنية إلى التوقف حالاً، ولكن إذاعات القاهرة ودمشق استمرت في حملاتها بالضراوة والشدة المعتادة. وأبلغ موسى ناصر المؤتمر بهذا.
شهد مؤتمر شتورة جدلاً حاداً حول قضية فلسطين، بعد أن تقدمت الجمهورية العربية المتحدة بمشروع قرار أثار شكوك الوفد الأردني، إذ بدا كأنه يهدف لفصل الضفة الغربية عن الشرقية. أرسل موسى ناصر برقية إلى هزاع المجالي يطلب توجيهاته، فجاءه الرد بتفويض القرار قائلاً: “الذي يراه الحاضر لا يراه الغائب.” وبعد اطلاع مجلس الوزراء على نص المشروع المكوّن من سبع نقاط، بذل المجالي جهداً كبيراً لإقناع الوزراء بالموافقة رغم اعتراضات البعض، وأُعطيت التعليمات بالتوقيع. اختُتم المؤتمر في 28 آب 1960 بإجماع عربي على قراراته، وكان أبرزها ما يتعلق بفلسطين، إذ أكد حق الشعب الفلسطيني في وطنه وضرورة الحفاظ على شخصيته الوطنية، تمهيداً لتمكينه من ممارسة حقوقه كاملة عند استعادة أرضه.
صدرت الصحف الأردنية صباح الإثنين 29 آب وهي تتصدرها أنباء الاتفاق العربي بخط عريض بارز، وسط أجواء من التفاؤل، دون أن يدرك أحد – سوى قلة من أهل الشر – ما كان يخفيه ذلك اليوم من مفاجآت مأساوية.
اختُتم مؤتمر شتورة ظهر الأحد 28 آب، وقبل أن تكتمل أربع وعشرون ساعة، كانت عمّان على موعد مع مأساة دامية؛ إذ استُهدف رئيس الوزراء هزاع المجالي وهو في مكتبه، ليسقط شهيداً مضرجاً بدمه، كما يسقط الفارس في ميدان المعركة.
أبرز القرارات التي اتخذتها حكومتا هزاع المجالي الثانية:
تعزيز العلاقات مع الدول العربية:
حكومة هزاع المجالي الثانية كانت في فترة حساسة بعد الوحدة بين مصر وسوريا وتشكيل الجمهورية العربية المتحدة (1958)، وكان القرار الأول هو السعي لتحسين العلاقات مع الدول العربية الأخرى مثل العراق ودول الخليج العربي. عملت الحكومة على تعزيز تلك العلاقات لتجنب الوقوع في فخ التحالفات التي قد تؤثر على الاستقرار الداخلي.
سياسات اقتصادية:
الحكومة عملت على تحسين الأوضاع الاقتصادية من خلال مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، مثل دعم مشاريع الإنشاءات الكبرى وتطوير البنية التحتية للبلاد.
عملت الحكومة أيضًا على تحسين قدرة الأردن على تحصيل الضرائب وإدارة الموارد المالية بشكل أكثر كفاءة في ظل الأزمة الاقتصادية التي كانت تمر بها البلاد.
تحقيق الاستقرار الداخلي:
في ظل التوترات السياسية والإقليمية، كان قرار إرساء الاستقرار الداخلي من أولويات الحكومة، وخصوصًا في المجالات السياسية والأمنية. تم اتخاذ عدة إجراءات لتعزيز أمن الدولة والحد من الفوضى السياسية التي كانت تعم بعض دول المنطقة.
التصدي للتهديدات الخارجية:
مع تصاعد المخاوف من التوسع السوري والتأثيرات السلبية للوحدة العربية بين مصر وسوريا على الأردن، سعت الحكومة إلى تحصين الأمن الداخلي والتصدي لأي محاولات لزعزعة الاستقرار الداخلي من قبل القوى الخارجية
متسلسل التعديل | 1 | تاريخ بلاغ التعديل | 20/09/1959 |
---|
التسلسل | الاسم | المهام الوزارية |
---|---|---|
3 | معالي السيد انور النشاشيبي | وزيرا للعدلية والمواصلات |
1 | معالي السيد خلوصي الخيري | وزيرا للاقتصاد الوطني والانشاء والتعمير |
2 | معالي السيد وصفي ميرزا | وزيرا للداخلية والدفاع |
متسلسل التعديل | 2 | تاريخ بلاغ التعديل | 20/09/1959 |
---|
التسلسل | الاسم | المهام الوزارية |
---|---|---|
1 | معالي السيد موسى ناصر | وزيرا للخارجية |